Saturday, February 12, 2011

بتحرز بصحابها

يروعك ما تراه اليوم من تهافت الناس على تحويل أنفسهم إلى لوحة إعلانات، محاولات لا تكل و لا تمل لاجتذاب الانتباه و صرخة لاستظهار التميز في عالم غابت فيه الملامح الفردية. أكثر ما ترى هذه الظواهر في جيل النشء و الشباب الذي يرى في ذاته توهجاً و قدرة لم تأخذ حقها في الانتباه و حصتها من التمعن.

بت أرى الناس لوحات إعلانات متحركة تسوق نفسها عبر استعارة ما لا تملك، تحاول بذلك استعارة تركة المجد و كسب بعض البريق مما لا بريق له بالأساس، كلام فيه من الغموض ما سينكشف خلال السطور القادمة.

محاولة التقليد و المحاكاة أمر احترفه الكثيرون، تراهم يناضلون في إتقان محاكاتهم لمن يرون فيه مثلاً أعلى و رتبة سامية يحلمون بها، تقليد بائس لا يخلو من سذاجة، فارتداؤك لقميص أرماني المشابه لما لدى براد بيت لن يجعلك في مستوى نجوميته، كما أن ترديدك لأشعار المتنبي لن يوصلك عتبات مجده.

إن البيريه الحمراء و اللحية الكثة لن تجعل منك ثورياً و لا تعدو كونها قبعة رخيصة و بضعة شعيرات مقززة، لم تكسب البيريه الحمراء تشي غيفارا قيمته ولكنها كانت هي من استمدت بريقها من نضاله و فكره، و لن تستطيع امتلاك مثل هذه التركة عبر اعادة استنساخ شكله وملبسه وسيجاره الكوبي، لأن مثل هذه الأمور ؛ بتحرز بصحابها!.

رأيت يوماً أحد "اللوحات الإعلانية المتحركة" و قد استنفذ كل جهد في محاولة تقليد مغنٍ معروف، و عرفت أنه يقضي أيامه في قاعات الفنادق مستجديا انتباه الناس "إلى الشبه الكبير بينه و بين ذلك المطرب"! لعله باء ببعض الشهرة و الانتباه لكنه لم ينج من السخرية و التفاهة و ضحك الناس إلى منظره المثير للشفقة.

وهذه النماذج البشرية بالذات هي التي تستصرخ بيأس انتباه الآخرين، و تحرص على استجداء التواصل عبر محاولاتها المميتة و المستميتة في نشر أي شيء يدل على وجودهم أملاً فيمن يأتي و ينقذهم من اللاكينونة أو يرى فيهم الكنز الدفين و المجد العظيم، تراه يرمي نفسه أينما أمكن بشكل لا يظهر أية كرامة أو احترام للذت، تسويقك لنفسك بهذه الطريقة لا يكسبك سوى مزيد من الازدراء و تطبعك بصورة المواقع ال"جنك" التي تستميت في طلب انتباهك: أدخل و انظر، لدينا ساعات روليكس و فياغرا و مقاطع إباحية، لدينا أدوية ممنوعة و جوائز بالملايين، مثل هذه المواقع و إن صدقت لن تستحق الاحترام ولا الشهرة و لن تصل يوماً إلى درجة المواقع التي تصنع الفرق و تطلب بالاسم.

اطلب الاحترام لذاتك بذاتك و كن أنت من يغنيك ولا تجعل من نفسك، أقولها ناصحاً لا مقرعاً، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله

No comments:

Post a Comment