Tuesday, January 4, 2011

مقصلة الحرف والقلم

لطالما كان للورقة والقلم هيبة تغمر المرء، سواء أكان مجرد توقيع صغير أم كان كتاباُ من ألف صفحة أم حتى لائحة تبضع،؛ فإن للكتابة وقاراً لا يمكن انكاره، لعل ديمومة ما نكتب السبب في تأجج هذا الخوف، آلاف الآلاف هم أولئك الذين صيرهم الزمان تراباً و ما زالت أقلامهم معلقة في المنصات أمام محاكم التاريخ التي لم ترحم.

ما دفعني للمخاطرة و كتابة هذه المقالة هو ما لحظته من تفاوت و تحور في نوع ما كنت أقرؤه في الشبكة العنكبوتية العربية و ما بت أراه حاضراً حتى في أكبر وسائل الغعلام، وليست الطامة فقط في إعادة نقاش ما تم نقاشه آنفاً بل هو غياب أية موضوعية أو موسوعية فيما يتم إعادة طرحه، و أنا إذ أكتب هذا فإنه من محض وجهة نظري كباحث بسيط متواضع ينصح أخوته، و لست أنطقه من منطلق ناظر يحمل سوطاً يلوح به فوق الرؤوس. أقول وبصدق أن أسلوب مقاربتنا للقضايا والمواضيع بات أكثر طفولية و سفسطة منه علماً و نقاشاُ منهجياً، أكاد أسمع أغنية كيف وليش و أنا أقرأ الكثير من التعليقات و مواضيع النقاش المطروحة،
أبدأ ناصحاُ نفسي قبل غيري فأقول: لأن أتعلم بصمت ووقار خير من أن أناقش بصوت حمار، ولا أرى أي عيب في أن أشارك موضوعاً بشكر من أعجبني رده دون أن أعيد و ازيد في ما كتب معه أو ضده. لنجعل النقاش بناء وليس محض استفتاء.

و بما اني؛ من ناحية أخرى؛ كنت و ما أزال أحض على التجربة و الخطأ الذان يعلوان على الجلوس عن الفعل؛ ارتأيت أن من واجبي تقديم بعض النصائح لكل من يكتب؛ هي خلاصة خبرة متواضعة قد تفيد و أملي ألا تضر قارئاً، و في التذكير خير.


إن للتعبير فنوناً لابد للكاتب أن يتقنها، وأول تلك الفنون: العلم والإلمام بما يكتب، وكل كلمة يخطها المرء تغدو نقشاً على شاهدة قبره، لا يستطيع العودة عنها، ولعل هذا الأمر قد خفي عن كثير من السياسيين المحتالين بالثرثرة المطولة واجترار العبارات الخالدة.

كما أن من فنون التعبير: القدرة على توضيح الفرض عن المسلم، والرأي عن اليقين، ولعل الرأي يكون مقارباً للصواب ولكن الكيس هو من يحتفظ لنفسه بعذر الاجتهاد و يدفع عنه تهمة الكذب أو الافتراء فينسب الأمور لأصولها و يميز اجتهاده الشخصي عن ما يعتبره العموم مسلمات فلا يجعل من وجهة نظره تنزيلا سماويا لا يقبل المساس به، و هذا فن غفل عنه الكثير. و تواضع زهد عنه كل من لم يعرف قدره.

ولعل من فنون الكتابة التي خفيت عن الكثيرين؛ مسألة الاعتراف بوجود برأي آخر قابل للخطأ أو الصواب، إن مما يعطي مقال وزنه هو إحاطته بمختلف الجوانب واستطلاعه لمختلف الآراء، وتوكيد ما يتفق ورسالة المقال و دحض ما يراه الكاتب مغايراً بالحجة لا بالجعجعة، فلا بد للظلال من أن تلازم النور و تكمل رسمه حتى تصدق الصورة.

ودمتم.

No comments:

Post a Comment